تنطفئ الدنيا فتمحو بصمة النور عن هويتي، فإذا بي أمشي بين أحضان الظلام، وما لي في مسيرتي من عنوان.
تحت كنف العربية رُبّيت، وبموضوع الأدب سميت، ولكن طردتني الأفئدة وجافتني الأذهان، وعافني فكر الطلاب والطالبات، فما افترَّ ثغرٌ في الوجود لرؤيتي، ولا سمعت تغريد بلبلٍ مرحبٍ بمجيئي، وإنما هي غربانٌ تعزف بنعيقها لحناً جنائزياً، وتنشد بصوتها المبحوح قصائد الحقد والكراهية، سباً وشتماً لي ولمن كان سبباً في وجودي.
عن مجابهتي تفتر هممكم، وفي لقائي تخور عزائمكم، كيف لا وأنتم تريدون الحصاد قبل الثمار، وتلتفتون نحوي بنظارتكم السوداء، وتصيحون بوجهي يا لك من صعب، رغم أني اكتسيت السهولة رداء.
لقد بسطت لكم ثوبي المنسوج من الأفكار، وما عليكم إلا مناقشتها بإسهابٍ وإيفاءٍ وموضوعية، مع تعليقٍ موجزٍ للشاهد لا يفصِّل ولا يغفل ناظم الأبيات، ثم عقد طرف الخيط بإحكامٍ للربط بين الأفكار، وتطريز طرف الثوب بمقدمة تمهد لعرض الموضوع، تسرد من خلالها الأفكار باختصار، دون مناقشةٍ ولا استشهاد. ولا يبقى في هذا المطاف إلا تلخيصٌ سريع، يوجز بالكلام ويختم بالمسك ذاك الحديث.
فما بالكم تأخر عنكم الجنى فنبذتم الغراس؟ واستلمتم الأرض قافرةً فأبيتم إحياء الموات! أما لو كشفتم على قلبي لوجدتم الصبح فيه مبتهجاً يعبق بالبساطة وينبض بالحياة !