أجهز نفسي منذ أسبوع وما أحتاجه من أوراق، لقضاء يوم عطلتي العزيز في إنجاز بعض المعاملات، برفقة كثيرٍ من الطوابع التي أعرفها ولا أعرفها، مع علبة الصمغ (سلاحي السري في عملية إلصاق الطوابع
😂) ! وقلم أزرق (يكتب
😛)، وقائمة الأوراق المطلوبة التي أكرر قراءتها في أوقات الفراغ !
حاولت أن أبدأ نهاري بإيجابية، قضيت بعض الأمور ثم مررتُ على صديقتي في عملها، قضيتُ معها وقتاً قصيراً جداً لكن فيه من المحبة والطاقة الكثير ! وتابعت رحلتي الطويلة بنشاطٍ رغم كل المفاجآت التي كانت تتوالى وتعيق إتمام عملي ...
أمور غير متوقعة، تأكل من رصيد الوقت، رصيدِك الأهم في مسابقة دوام الموظفين، والسلالم الصاعدة النازلة ...
أثناء انتظاري لبعض الأوراق المتعطلة، وجدت نفسي أمام خيارين .. أن أفسح المجال أمام تدفق هرمون التوتر ليتفاعل مع ذرات قلبي تفاعلاً ناشراً للحرارة، يؤدي إلى حالة تسمى "فوران القلب" غير ذات جدوى ... أو أن أسترخي وأحاول الاستمتاع بالوقت مهما بدى عصيباً ومربكاً ...
كان أمامي دقائقٌ طويلةٌ من الانتظار، بسبب بعض التعقيدات غير المتوقعة، فكرت بطريقةٍ لإمضائها، فقادتني قدماي إلى إحدى الحدائق التي لم يسبق لي دخولها .. بدأت أتجول فيها وأسترخي في خضرتها ... مارست شغفي بالتقاط بعض الصور بالكاميرا، والكثير منها بقلبي ومخيلتي ...
تناولت الطعام مع شقيقي بعد تعبنا غير ذي الجدوى، فشعرنا بالعطش الشديد، وكانت زجاجة الماء قد فرغت في مشوارنا الطويل، خطر ببالي أن يكون في الحديقة صنبور مياه للشرب، بدأت أبحث في الزوايا، فلم أجد، سألت البستانيّ فدخل وأحضر زجاجة ماء كبيرة، وملأ لي زجاجتي الصغيرة ... ملأها حتى "آخر شفة" .. شكرته، وابتسم قلبي للموقف ولما في الحياة من خير .. وكان الماء بارداً عذباً، تقاسمته مع شقيقي، وكان من أعذب ما شربناه على عطشنا الشديد ...
سمعت صوت الأذان يصدح عالياً، فقررت الذهاب للمسجد .. كان باب النساء مقفلاً، بدأت أبحث عن بابٍ آخر مخصص للنساء فلم أجد، سألت إحدى السيدات فصادف أنها أيضاً تقصد المسجد، فدخلنا سوياً من باب الرجال، اخترنا زاويةً في الخلف، وجلسنا ننتظر إقامة الصلاة ...
كان التصميم الداخلي للمسجد غايةً في الروعة والفخامة، وكان شعاع الشمس الذي يمر عبر النوافذ يرسم نقشاً من الألوان آسراً للقلوب ... شعاع الشمس يقترب من الثريا، فينعكس عليها كماسةٍ نفيسةٍ معلقة في السماء ...
كان الرجال في الأمام يدخلون تباعاً، يتجهزون لتلك الوقفة الجماعية بين يدي الله، يدخل أحدهم ببطء والآخر مستعجلاً، يدخل العجوز على عكازته، والصبي راكضاً ... بانتظار موعدٍ روحانيٍ جماعي ... صلينا مع الجماعة، وشعرتُ بقلبي يحلق مع أنها صلاةٌ سريةٌ لا يُقرأ فيها القرآن بصوتٍ عالٍ ... بدأت أتأمل كم مر عليّ من الوقت وأنا لا أستشعر بالصلاة، وجُلُّ اهتمامي هو قضاء الصلاة بوقتها أثناء عملي ومشاغلي اليومية ... أربعُ ركعاتٍ أنهيها بسرعة، لأعود للعمل بسرعة، كم مر علي من الوقت دون أن أشعر بها؟ .....
هممت بالخروج من المسجد، ألقيت السلام على السيدة التي كانت بجانبي، فبادلتني السلام، وأردفت بكلمة "ادعيلنا" .. أجبتها بمثل ذلك ... وراح بالي يجول في آفاقٍ واسعة ... فكرتُ في هذا القدر الذي جمعني مع سيدةٍ لا أعرفها ولا تعرفني، في مسجدٍ لم أدخله من قبل ولا أدري إن كنت سأدخله مرةً أخرى في حياتي، لتجمعَنا صلاةٌ ندعو فيها رباً جمعنا الإيمان به، ونتبادلَ دعاءً بظهر الغيب، ونفترق دون لقاءٍ آخر متوقع في هذه الدنيا ...
كنت أعقد ربطةَ حذائي حينما عادت ذاكرتي خمسةَ عشرَ عاماً، حيث كنا في رحلةٍ مدرسيةٍ، وهممنا بالعودة، فعلمتنا الآنسة أن نقول: (اللهم إني أستودعك في هذا المكان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنا قد رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً، فردها إليّ عند حاجتي إليها) ...
إننا نمر بأماكن لا ندري إن كنا سنمر فيها مرة أخرى، فلنترك فيها بصمةً لحياتنا، أثراً سيبقى لنا، ويشفع لنا بإذن الله ...
لم أستطع إكمال عملي بالأوراق، وتعقدت الأمور، وانتهى رصيد الوقت، لكنني في ذلك الوقت، وجدت لنفسي مساحةً أرتاح بها ...
لم أنجز عملاً مهماً، لكني بالمقابل أنجزت استراحةً مهمةً جداً ... ذكرتُ بعض تفاصيلها، واحتفظت بالباقي في قلبي ذكرياتٍ لا تنسى، مع أولئك الذين أحبهم ...
وكأن الأمور تجري بطريقةٍ ما، لم تحسب حسابها، لتفتحَ لك نافذة الحياة والراحة التي طالما غابت عنك، ونسيتَ مع طول الغياب كم أنت بحاجةٍ إليها ... ...
إن لنفسِكَ عليكَ حقاً .. (أيضاً
:) ) .. فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ...


حاولت أن أبدأ نهاري بإيجابية، قضيت بعض الأمور ثم مررتُ على صديقتي في عملها، قضيتُ معها وقتاً قصيراً جداً لكن فيه من المحبة والطاقة الكثير ! وتابعت رحلتي الطويلة بنشاطٍ رغم كل المفاجآت التي كانت تتوالى وتعيق إتمام عملي ...
أمور غير متوقعة، تأكل من رصيد الوقت، رصيدِك الأهم في مسابقة دوام الموظفين، والسلالم الصاعدة النازلة ...
أثناء انتظاري لبعض الأوراق المتعطلة، وجدت نفسي أمام خيارين .. أن أفسح المجال أمام تدفق هرمون التوتر ليتفاعل مع ذرات قلبي تفاعلاً ناشراً للحرارة، يؤدي إلى حالة تسمى "فوران القلب" غير ذات جدوى ... أو أن أسترخي وأحاول الاستمتاع بالوقت مهما بدى عصيباً ومربكاً ...
كان أمامي دقائقٌ طويلةٌ من الانتظار، بسبب بعض التعقيدات غير المتوقعة، فكرت بطريقةٍ لإمضائها، فقادتني قدماي إلى إحدى الحدائق التي لم يسبق لي دخولها .. بدأت أتجول فيها وأسترخي في خضرتها ... مارست شغفي بالتقاط بعض الصور بالكاميرا، والكثير منها بقلبي ومخيلتي ...
تناولت الطعام مع شقيقي بعد تعبنا غير ذي الجدوى، فشعرنا بالعطش الشديد، وكانت زجاجة الماء قد فرغت في مشوارنا الطويل، خطر ببالي أن يكون في الحديقة صنبور مياه للشرب، بدأت أبحث في الزوايا، فلم أجد، سألت البستانيّ فدخل وأحضر زجاجة ماء كبيرة، وملأ لي زجاجتي الصغيرة ... ملأها حتى "آخر شفة" .. شكرته، وابتسم قلبي للموقف ولما في الحياة من خير .. وكان الماء بارداً عذباً، تقاسمته مع شقيقي، وكان من أعذب ما شربناه على عطشنا الشديد ...
سمعت صوت الأذان يصدح عالياً، فقررت الذهاب للمسجد .. كان باب النساء مقفلاً، بدأت أبحث عن بابٍ آخر مخصص للنساء فلم أجد، سألت إحدى السيدات فصادف أنها أيضاً تقصد المسجد، فدخلنا سوياً من باب الرجال، اخترنا زاويةً في الخلف، وجلسنا ننتظر إقامة الصلاة ...
كان التصميم الداخلي للمسجد غايةً في الروعة والفخامة، وكان شعاع الشمس الذي يمر عبر النوافذ يرسم نقشاً من الألوان آسراً للقلوب ... شعاع الشمس يقترب من الثريا، فينعكس عليها كماسةٍ نفيسةٍ معلقة في السماء ...
كان الرجال في الأمام يدخلون تباعاً، يتجهزون لتلك الوقفة الجماعية بين يدي الله، يدخل أحدهم ببطء والآخر مستعجلاً، يدخل العجوز على عكازته، والصبي راكضاً ... بانتظار موعدٍ روحانيٍ جماعي ... صلينا مع الجماعة، وشعرتُ بقلبي يحلق مع أنها صلاةٌ سريةٌ لا يُقرأ فيها القرآن بصوتٍ عالٍ ... بدأت أتأمل كم مر عليّ من الوقت وأنا لا أستشعر بالصلاة، وجُلُّ اهتمامي هو قضاء الصلاة بوقتها أثناء عملي ومشاغلي اليومية ... أربعُ ركعاتٍ أنهيها بسرعة، لأعود للعمل بسرعة، كم مر علي من الوقت دون أن أشعر بها؟ .....
هممت بالخروج من المسجد، ألقيت السلام على السيدة التي كانت بجانبي، فبادلتني السلام، وأردفت بكلمة "ادعيلنا" .. أجبتها بمثل ذلك ... وراح بالي يجول في آفاقٍ واسعة ... فكرتُ في هذا القدر الذي جمعني مع سيدةٍ لا أعرفها ولا تعرفني، في مسجدٍ لم أدخله من قبل ولا أدري إن كنت سأدخله مرةً أخرى في حياتي، لتجمعَنا صلاةٌ ندعو فيها رباً جمعنا الإيمان به، ونتبادلَ دعاءً بظهر الغيب، ونفترق دون لقاءٍ آخر متوقع في هذه الدنيا ...
كنت أعقد ربطةَ حذائي حينما عادت ذاكرتي خمسةَ عشرَ عاماً، حيث كنا في رحلةٍ مدرسيةٍ، وهممنا بالعودة، فعلمتنا الآنسة أن نقول: (اللهم إني أستودعك في هذا المكان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنا قد رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً، فردها إليّ عند حاجتي إليها) ...
إننا نمر بأماكن لا ندري إن كنا سنمر فيها مرة أخرى، فلنترك فيها بصمةً لحياتنا، أثراً سيبقى لنا، ويشفع لنا بإذن الله ...
لم أستطع إكمال عملي بالأوراق، وتعقدت الأمور، وانتهى رصيد الوقت، لكنني في ذلك الوقت، وجدت لنفسي مساحةً أرتاح بها ...
لم أنجز عملاً مهماً، لكني بالمقابل أنجزت استراحةً مهمةً جداً ... ذكرتُ بعض تفاصيلها، واحتفظت بالباقي في قلبي ذكرياتٍ لا تنسى، مع أولئك الذين أحبهم ...
وكأن الأمور تجري بطريقةٍ ما، لم تحسب حسابها، لتفتحَ لك نافذة الحياة والراحة التي طالما غابت عنك، ونسيتَ مع طول الغياب كم أنت بحاجةٍ إليها ... ...
إن لنفسِكَ عليكَ حقاً .. (أيضاً

No comments:
Post a Comment