Pages

Sunday, April 9, 2017

رحلتي إلى المريخ !

تتصل سوزان بآدم، وقد أعدت له السمك المشوي على العشاء، لم أفكر كثيراً حينها بالمعاني الكامنة وراء ذلك، لكنني وقفت ومعي شيءٌ من الغضب تجاه آدم ونظرته الدونية تجاه زوجته، استحضرت في ذهني لوماً كبيراً للكاتب لأنه روى على لسان بطل الرواية كلاماً مهيناً للمرأة، ثم أجلت الموضوع، وجيدٌ أنني أجلته !
يبدو آدم في البداية شخصاً طموحاً، يحب التفوق والتميز، ولا يتوقف عند أي حدود، لكن بعض الحدود كانت ضرورية إلى حد ما ... ربما !
على الجانب الآخر، بدأ الاستعداد لرحلة المريخ، بدأ ذلك النقاش الذي يأخذ العقل لآفاق ثقافية واسعة تستحق أكثر من مجرد مدح وثناء ... ما أثار في عقلي ذلك الجدال ما إن كان هناك حيادية مطلقة على هذا الكوكب الذي يعبث فيه الإنسان ! الحيادية كذبةٌ ربما، لأننا في الوقت الذي نلغي فيه الاعتبارات العرقية والدينية وغيرها، فإننا بالوقت نفسه نؤسس اختيارنا بناءً عليها بشكلٍ أو بآخر، نهرب منها، إليها !!!
حينما غرقت في الرواية، شعرتُ أنني أتعرف على نوعٍ جديدٍ من العالم، لم أكن أعلم كيف لشخصٍ أن يؤذي شخصاً آخر، إلا حينما رأيت نظرات آدم تمتلئ حسداً تجاه بطن سكرتيرته الحامل، عرفت حينها تلك العلاقة المتصادمة بين الطموح وبين القناعة والرضى، التي قد ترتقي بالشخص إن توازنت، وقد تحوله إلى ماكينة للطمع والحقد والفوقية، أو ترميه بعيداً بلا أي طموح أو رغبةٍ بالحياة، أو تغرس في قلبه تلك النظرة الدونية التي تحقد على كل العالم المتفوق عليها، فتقدسه حيناً، وتؤذيه حيناً آخر !
في ذلك الكوكب، بدا العالم مختلفاً، بدا الشر واضحاً غير مغلفٍ كما يحدث في الأرض ... الشر في آدم دفعه لارتكاب الموبقات كلها، راكضاً خلف رغباته، رامياً بآدميته وإنسانيته عرض الحائط ...
في لحظةٍ ما، حينما عرف آدم أن اختراعاته دمرت الأرض، وأن مسؤولية إنجاب بشرية جديدة ملقى على عاتقه، شعرت بالدنيا كلها تدور في رأسي وتسبب لي الصداع ...
بذرة الشر التي تنبت في البشر، لا يمكن لها أن تنجب خيراً ... وإذا قُدِّر للبشر الانتقال لكوكب آخر وعمارته من جديد، لن يكون وضعه بأفضل حالاً من الأرض ...
الشر الذي بدأ بجريمة قتل منذ بدء البشرية سيعيد نفسه يوماً ما، بشكلٍ أو بآخر، تدفعه كل الشهوات نحو القاع، ليرتكب أشكالاً من الجرائم لم تعرفها البشرية السابقة ...
نظرة الأنا التي دفعت آدم لتدمير الأرض ومراقبتها عن بعد، وكأنها ملك له، كانت خللاً نفسياً كبيراً أوصله لهذه المرحلة من الشر ... لقد اعتقد أن بإمكانه أن يكون أباً للبشر، فقط حينما يلغي باقي البشر !
المفارقة الخطيرة، أنه كان عقيماً ... هنا يتوقف الخيال في دهشة تجاه كم الفلسفة والأفكار العميقة ضمن الرواية .....
في النهاية، عرفت كيف يمكن للشر أن يتمادى في البشر، عرفت لماذا قامت كل الحروب على وجه الأرض، ولماذا كل الشر هذا موجود على سطح الكوكب ...
كرهت آدم، ...، وشعرت بالحزن تجاه سوزان ... أعتقد أن حظها كان سيئاً مع ذلك الرجل ... وارتاح ضميري حينما رأيت آدم بهذا السوء، فهو ليس البطل الذي تُقدَّس أقواله، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بنظرته تجاه زوجته أنها النصف أو الصفر في كل شيء ! ...

No comments:

Post a Comment