Pages

Sunday, August 24, 2014

النحلة والعمل

لما أوحى الله عز وجل إلى النحل، خاطبها بصيغة المؤنث: (اتخذي - كلي - اسلكي - بطونها) ....
-------
ذكور النحل ليسوا مشمولين بالخطاب والوحي الإلهي هذا (والله أعلم) .. لأنهم لا يعملون شيئاً، وإنما يعيشون حياتهم في الأكل، وينهونها بالتزاوج ... وانتهى الأمر !
بينما تكون خلية النحل عامرةً بالجد والاجتهاد والعمل، ومثالاً في أروع تنظيمٍ على وجه الأرض ... بالإناث فقط !
==================
نحن البشر خلقنا لنعمل ونعمر الأرض، لنكون منتجين مفيدين، ونكون عوناً لغيرنا .. لنعمل سوياً ذكوراً وإناثاً جنباً إلى جنب .. لا أن تكون وظيفة الرجل أن يرفع قدميه قليلاً لتنظف المرأة تحتهما !
ذلك شيءٌ من الجاهلية، لن أقول أنه ظلم المرأة بتكليفها بأعمال المنزل، فهي بذلك عظيمة المنزلة عند الله عز وجل بأدائها واجبها وأكثر وجعلها إنسانةً وأماً ومربيةً عظيمة على وجه الأرض ..
وإنما هو إشفاق على ذاك المجتمع الذي فهم رجاله بأن دورهم كدور ذكور النحل فقط !
عندما يربي الإنسان أولاده، ليس عليه أن يترك كل الأعمال المنزلية على الفتيات، ويترك عليهن خدمة إخوتهن من الفتيان .. بل يجب أن يكون هناك جوٌ من التشارك والتعاون، فكما أنه يأتي يومٌ تعين فيه المرأة الرجل في العمل وجلب المال، سيأتي يومٌ تحتاج المرأة لمن يعينها في أعمال المنزل .. وليس عليها أن تقابل برجلٍ متكبر يرفض أن ينظف أو يعد الطعام، ويقسو عليها بدلاً من ذلك ..
من الصعب أن تغير طباعاً كبرت، لكن بإمكانك تربية الجيل منذ صغره على المفاهيم النبوية الصحيحة، لترسيخها في حياته كلها ...
وهذا ما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام الذي كان في مهنة أهله، يخصف نعله ويخيط ثوبه، ويعمل لبيته، وأوصانا بقوله: (خيرُكُم خيرُكم لِأهْلِهِ ، وَأَنَا خيرُكم لِأَهْلِي)
صحيح الجامع

Friday, August 22, 2014

قصص القرآن لك

ما بين قصص القرآن التي نتجول في أحداثها بين الآيات .. هناك قصةٌ مخفيةٌ بين السطور .. لشخصٍ قادمٍ، هو أنت، مهما كنت ...
حينما تقرأ قصة الصناعة والعناية الإلهية، لأنبياء الله، فالمطلوب منك ليس فقط أن تقول: هم أنبياء، وتلك معجزاتهم !
لو كان الله يريد ذلك منا، لبعث لنا ملائكةً تمشي في الأرض، نرى فيها كل ما هو خارقٌ للعادة ..
إلا أن الله عز وجل لم يخلقنا لأجل ذلك، ولم يروِ لنا تلك السير الطويلة لنكتفي بالإعجاب بمعجزاتهم .. وإنما من أجل أن نجعل منها قوانين لسيرة حياتنا ...
يوسف من البئر إلى الفتن إلى السجن ... إلى أن صار عزيزاً لمصر ..
موسى الذي تربى ببيت فرعون، لينشأ بشخصيةٍ أقوى بعيدةٍ عن جو العبودية والذل والسقف الواطئ الذي تقزم تحته بنو إسرائيل بظلم فرعون ..
مريم قرب جذع النخلة، تضعف وتتمنى الموت لشدة ما تتعرض له من ضغوطٍ ومخاوف، ثم يكرمها الله ويبعد عنها الحزن ويعطيها قوةً من عنده ...
حكاياتٌ كثيرةٌ .. أكبر من أن تحصى .. هي جميعها دروسٌ لنا .. عظيمةٌ جداً .. لأنبياء صنعهم الله على عينه، وأرادهم قدواتٍ لنا نتعلم منهم .. دون أن نطوي صفحتهم تحت شعار "شريعة من سبق" ...
فقه الحياة أوسع من أن يحصره زمان أو مكان ..
هو مسيرةٌ طويلةٌ نأخذ منها الخبرة من كل ما ومن حولنا ونتعلم لنكون أقوى وأكثر ثقةً بالله ..
إن كل خطوةٍ في الحياة، هي خيرٌ لنا، بالتأكيد، لأن الله عز وجل لا يريد لنا إلا خيراً ... وكل محنةٍ وكل منحة .. كل ضيقٍ وكل فرج .. كل حزنٍ وكل فرح ... كل لحظةٍ تمر علينا في كل حياتنا، هي صناعةٌ لله لنا، أدركنا حكمتها أو لم ندركها الآن ولا بعد حين ..
ونسأل الله أن يحبنا ويختار لنا كل خيرٍ يرضيه ...
(وألقيت عليك محبةً مني ولتصنع على عيني) ..

Saturday, August 16, 2014

شعر | لحظة انكسار

أرنو إلى فلك السما 
وبصيص شوقٍ في المسا
فتزورني دمعاتُ عينٍ مثقلاتٌ بالأسى
أيكون دون الصدق أنياب الشرور لمن صبرْ
أيكون صبر الدهر مفتاح التعاسة والضررْ
أم أن كل العمر حلمٌ، استفقنا من حُفَرْ
أو أن أوهام الحياة تريدنا تحت البشرْ
من حولنا الأيام تكذبُ ثم لا تلقي أثر
إلا مزيداً من دموعٍ .. من كسورٍ .. من ندم
قد نعثرُ، قد نسقطُ، قد نكتوي المرَّ الكدر
لكن وجدان الضمير يعيدنا نحو العمل
هي كلمةٌ، هي نارُ حزنٍ في الصدور تستعر
مهما جهدنا عائدين إلى الصواب .. ننكسر
وفؤادنا بين الصدور أسيرُ ندمٍ .. عاجزٌ أن ينقلب
يارب قد صعب الطريق .. وضاق بالنفس الألم
لا أرتجي إلاك عفواً .. عودةً نحو الأمل
نحو الصراط المستقيم .. حيث الحقيقة لا مفر ..
نحو الحياة بمهجةٍ ترضي الإله، وذا فقط !

Friday, August 8, 2014

التعب النفسي والجسدي

لقدوتنا عليه الصلاة والسلام دروسٌ عظيمةٌ جداً، يحضرني منها قصةٌ من ذاكرتي في إحدى الغزوات، يوم احتدَّ رجلان من المهاجرين والأنصار، وتحامى كلُّ منهما بنداء الجاهلية حتى كاد الجميع يخوضون في النزاع، فلما نهرهم النبي عليه الصلاة والسلام، أمر الجميع بالمسير، وما زالوا يسيرون ويسيرون بلا توقفٍ حتى بلغ منهم التعب، وبقوا كذلك لحد الإنهاك، ولحد أن فرغ الجميع مشاعره السلبية بالعمل والمسير والتعب ...
هو درسٌ لنا منه عليه الصلاة والسلام، يعلمنا فيه كيف نتجاوز كل شعورٍ سلبي، كل غضبٍ أو حزنٍ أو حميةٍ أو اكتئاب ... بملء الوقت بأكمله، والبعد عن الفراغ، وعن نقاش التفاصيل .. بالسير والوصول إلى أقصى درجات التعب الجسدي، وتخفيف التعب النفسي لأقل مستوياته ...
هو درسٌ عظيم، سرعان ما ستجد أنه ينجح فعلاً ... وأنه كفيلٌ بإعادة الابتسامة والحياة إليك، مهما واجهت من صعوباتٍ وهمومٍ ومحن ... وأنه يلقي في قلبك اليقين الحقيقي بالله .. وبأن الحر مهما اشتد والتهب، فبرودة الفجر واليقين بالله هي الزوادة بعد كل التعب ...