استمر هاتف الصيدلية بالرنين، ومن حولي أربعة زبائن، ومندوب أحد المستودعات ينتظر ... صوت الرنين يصيبني بالتوتر، ألقيت نظرة على شاشة الكاشف التي لا تعمل إلا بالكهرباء - التي نادراً ما تأتي! - فلم يكن أمامي إلا الرد على المتصل الذي لا أعرفه، قد يكون مضطراً، قد تكون مديرتي بالعمل، قد يكون مستودعاً مهماً، وقد يكون أحد الزبائن ذوي الاستشارات الهاتفية المهمة أو غير المهمة !
"يسعدلي صباحك حبيبتي" ... هذه الجملة مع هذا الصوت، هو آخر شيءٍ أتمناه ومن حولي كل هذا الازدحام في العمل !
إحدى جاراتنا في الصيدلية، لديها عادةٌ تتكرر بمعدل مرةٍ كل أسبوعين، تتصل وتسأل أسئلة تعرف أجوبتها ...
لم يكن من طبعي أن أرد سؤالاً، فقد منحني الله بالاً أطول مما أتوقع أنا نفسي ! فكنت في كل مرة أداريها وأساير حتى أوصل لها المعلومة بأقل عددٍ ممكن من الكلمات وبأسرع وقتٍ ممكن ...
في هذه المرة، كانت تريد أن تقنعني بأن دواء الضغط Lotid ليس كـ Losartic، وبأنها ذهبت إلى الإسعاف بسبب البديل بعد أن قرأت تأثيراته الجانبية ...
أثناء استماعي لحديثها على الهاتف، صرخت إحدى الزبائن عندي: "لماذا تردين على الهاتف؟ ربما كان أحد ما مستعجلاً" ...
كان أسلوبها غايةً في الوقاحة، لكنها محقةٌ إلى حدٍ ما، وفي النهاية لست أخطبوطاً؛ حتى أتمكن من تدبير كل شؤون الصيدلية بعقل واحد ويدين اثنتين ... أجبتها باحترام: لو اتصلتِ بالصيدلية ولم أرد عليكِ، ألن تنزعجي؟ ... "لكنها لا تسأل عن شيءٍ مهم ولن تشتري منك شيئاً!" ... وكيف لي أن أتنبأ بذلك؟! إنه "المندل" ... ربما!
أنهيت مكالمتي سريعاً، وأنا أكظم غيظي لأبعد الحدود، كنت أريد أن أصرخ بوجهها أنني أعرف عملي وليس لها التدخل به! وكنت أيضاً أود لو أن هناك زراً لحظر مكالمات تلك الزبونة بالذات التي تهدر وقتي في كل مرة، بإقناعي أن حقن الدكلون لا تسبب ألماً في المعدة أو ارتفاعاً في الضغط، بينما تسبب حقن الدكلوفيناك - بديلها - ذلك!
يحتاج صيدلاني المجتمع، أن يمتلك مهاراتٍ اجتماعيةً عالية، حلماً وبالاً طويلاً، وشخصيةً غير لئيمةٍ لكنها لا تسكت على تجاوزات المرضى ... الشعرة في هذا المجال رفيعةٌ جداً وعلي الحفاظ عليها ...
التفتُّ إلى تلك الزبونة الوقحة، ومعالم انزعاجي منها لا تختبئ من وجهي الواضح ولا تخفى على أحد ... والغريب في الأمر أن استعجالها تحول فجأةً إلى سيلٍ من الجدال لا ينتهي ... إنها تأتي بالأدوية من المستوصف مجاناً، ومن ثم تناقش لنشتريها منها بحجةٍ أنها أخذت الدواء من عندنا ولم تستعمله، ومن ثم تتابع الجدال لنأخذ الدواء منها بالسعر الذي نبيعه به !
خرجت الزبونة، وتلفت الزبائن إلى بعضهم يتبادلون تلك النظرة الصامتة ... "الله يفرج أحسن شي" ....
لا نستطيع إطلاق الأحكام على الأشخاص من حولنا، فنحن لا نعرف ظروفهم، ولا ندري كيف سنتصرف لو مررنا بظروفٍ مثلها ... نسأل الله العافية والسلامة، ونحاول أن نوفِّق بين ثلاثة ضمائر:
ضميرٍ إنسانيٍّ متعاطفٌ مع الزبون ..
ضميرٍ لا يجب أن يُستَغلَّ أو يُضحك عليه ..
وضميرٍ يريد أداء عمله كموظفٍ على أكمل وجه ...
"يسعدلي صباحك حبيبتي" ... هذه الجملة مع هذا الصوت، هو آخر شيءٍ أتمناه ومن حولي كل هذا الازدحام في العمل !
إحدى جاراتنا في الصيدلية، لديها عادةٌ تتكرر بمعدل مرةٍ كل أسبوعين، تتصل وتسأل أسئلة تعرف أجوبتها ...
لم يكن من طبعي أن أرد سؤالاً، فقد منحني الله بالاً أطول مما أتوقع أنا نفسي ! فكنت في كل مرة أداريها وأساير حتى أوصل لها المعلومة بأقل عددٍ ممكن من الكلمات وبأسرع وقتٍ ممكن ...
في هذه المرة، كانت تريد أن تقنعني بأن دواء الضغط Lotid ليس كـ Losartic، وبأنها ذهبت إلى الإسعاف بسبب البديل بعد أن قرأت تأثيراته الجانبية ...
أثناء استماعي لحديثها على الهاتف، صرخت إحدى الزبائن عندي: "لماذا تردين على الهاتف؟ ربما كان أحد ما مستعجلاً" ...
كان أسلوبها غايةً في الوقاحة، لكنها محقةٌ إلى حدٍ ما، وفي النهاية لست أخطبوطاً؛ حتى أتمكن من تدبير كل شؤون الصيدلية بعقل واحد ويدين اثنتين ... أجبتها باحترام: لو اتصلتِ بالصيدلية ولم أرد عليكِ، ألن تنزعجي؟ ... "لكنها لا تسأل عن شيءٍ مهم ولن تشتري منك شيئاً!" ... وكيف لي أن أتنبأ بذلك؟! إنه "المندل" ... ربما!
أنهيت مكالمتي سريعاً، وأنا أكظم غيظي لأبعد الحدود، كنت أريد أن أصرخ بوجهها أنني أعرف عملي وليس لها التدخل به! وكنت أيضاً أود لو أن هناك زراً لحظر مكالمات تلك الزبونة بالذات التي تهدر وقتي في كل مرة، بإقناعي أن حقن الدكلون لا تسبب ألماً في المعدة أو ارتفاعاً في الضغط، بينما تسبب حقن الدكلوفيناك - بديلها - ذلك!
يحتاج صيدلاني المجتمع، أن يمتلك مهاراتٍ اجتماعيةً عالية، حلماً وبالاً طويلاً، وشخصيةً غير لئيمةٍ لكنها لا تسكت على تجاوزات المرضى ... الشعرة في هذا المجال رفيعةٌ جداً وعلي الحفاظ عليها ...
التفتُّ إلى تلك الزبونة الوقحة، ومعالم انزعاجي منها لا تختبئ من وجهي الواضح ولا تخفى على أحد ... والغريب في الأمر أن استعجالها تحول فجأةً إلى سيلٍ من الجدال لا ينتهي ... إنها تأتي بالأدوية من المستوصف مجاناً، ومن ثم تناقش لنشتريها منها بحجةٍ أنها أخذت الدواء من عندنا ولم تستعمله، ومن ثم تتابع الجدال لنأخذ الدواء منها بالسعر الذي نبيعه به !
خرجت الزبونة، وتلفت الزبائن إلى بعضهم يتبادلون تلك النظرة الصامتة ... "الله يفرج أحسن شي" ....
لا نستطيع إطلاق الأحكام على الأشخاص من حولنا، فنحن لا نعرف ظروفهم، ولا ندري كيف سنتصرف لو مررنا بظروفٍ مثلها ... نسأل الله العافية والسلامة، ونحاول أن نوفِّق بين ثلاثة ضمائر:
ضميرٍ إنسانيٍّ متعاطفٌ مع الزبون ..
ضميرٍ لا يجب أن يُستَغلَّ أو يُضحك عليه ..
وضميرٍ يريد أداء عمله كموظفٍ على أكمل وجه ...